19 سبتمبر 2024 | 16 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د. إبراهيم بوبشيت: إن العلم غِنىً للفقراء وقوة للأغنياء

03 سبتمبر 2018

إن تعليم النشء هو المشروع الأهم والأكبر في حياة الأمم، فهم صناع الغد، وبُناة الحضارات، وهم الأمل في مستقبل مشرق واعد، غِراسُه العلم والتعلم.
ونحن إذ نستقبل عاما دراسيا جديدا يحمل الأمل والخير والنفع للبلاد والعباد، تحدث فضيلة الدكتور إبراهيم مبارك بوبشيت، الداعية والمستشار الأسري، مؤكدا أن العلم هو مفتاح التقدم والازدهار، وتعليم الأبناء هو المشروع الأبقى، والاستثمار الأعلى قيمة على المدى الطويل، ولقد اتفقت الشرائع جلها على فضل العلم ومكانة المتعلم، والمصلحين على مر التاريخ كانوا يأخذون على عاتقهم رعاية الأجيال الجديدة، لأنهم بذلك يبنون الشعوب، فإذا كان المهندس يبني الأبراج والمنشئات، فالمعلم بدوره يبني العقول ويشيد صروح العلم والمعرفة.
ولنتأمل قول ربنا تبارك وتعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر:٩]، وقوله سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:١١]، فالله جل وعلا يرفع مكانة الذين أوتوا كل علم ينفع العباد ويوصِل إلى معرفة حق رب العباد، فإذا كان تعلُّمهم لله فسوف يصلح الله دنياهم وأخراهم، ولسوف يفوزون بالمقامات العلية، هذا فضلا عن أن العلم ينجي أبناءنا من صحبة السوء، ويقيهم شر الانحراف واقتراف المنكرات، بل إنه يردهم إلى الصراط القويم إذا ما أوشكوا على السقوط.
وفي هذا الصدد ينبغي أن يحرص كل أب ومربٍ وأستاذ على أن يغرس في النشء قاعدة {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه:١١٤]، لو حدث ذلك فلن نرى يوما للغرور أو للعُجب مكان، فكلما اعترف المرء بقلة علمه وافتقاره لفضل ربه، كلما زاده الله من فضله ورفع مكانته بين خلقه.
وغني عن البيان أن العلم الحقيقي هو ما يظهر أثره على سلوك المرء وسمته، فإن كان عالما في الدين ظهر في سمته الوقار والتبصر والأناة، وإن كان عالما في أحد العلوم الدنيوية النافعة، ظهر ذلك في قدرته على التفكير ومهارته في معالجة المشكلات بعقلانية وكفاءة، فكل إناء ينضح بما فيه، وكلٌ ينشر ثقافته.
ولأن المرء عدو ما يجهل، فلنحط أنفسنا بالعلماء في مختلف المجالات، وإن لم تتح للمرء فرصة التتلمذ على أيدي العلماء في مقاعد الدراسة وتلقي المعارف منهم وجها لوجه، فيكفي فقط أن يضيف الإنسان في كل شهر عالما أو اثنين في قائمة المتابعة في حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، لك أن تتخيل كم سوف تستفيد من متابعته ولو عن بعد، كم علم سوف تتعلمه في مختلف المجالات؟ كم عبادة سوف تصلحها؟ وكم تجارة سوف تربحها؟ كم سيزيدك الله من فضل وبركة نتيجة لمتابعتك لذوي العلم في كل ميدان؟
إن العلم غِنىً للفقراء، وقوة للأغنياء، فالفقير إذا كان ذو علم ساد في قومه، لأنه يملك ثراءا معنويا وثقافة ومعرفة، وكذلك الغني حين يكون ذا علم يسود في قومه، لأنه حينذاك سيكون جمع القوتين؛ المعرفة والثراء المادي.
كم من صغير ساد في قومه ليس بسنه ولكن بعقله وعمله، كان عمر بن عبد العزيز حين يوفد الوفود كان لا يرسل أكبر وأسنَّ القوم، وإنما كان يتحرى أعقلهم وأكثرهم علما وأفصحهم بيانا.
ويضيف فضيلة الشيخ: ونحن على أعتاب عام دراسي جديد، حذاري من المثبطين، الذين ينشرون صورا ومقاطع لا تدعوا إلى التفاؤل، وتحمل رسائل ازدراء للمعلمين وللطلاب على حد سواء، هذه الأجواء السلبية لا ينبغي الالتفات لها، فهي دعاوى للكسل والفشل، فإن لم يستطع المرء أن يكون من العلماء أو المتعلمين، فعلى الأقل عليه أن يشجع طلاب العلم ويحتفي بالصغير الذي سيكون في يوم من الأيام كبيرا، متعلما، وذو شأن.

وإلى كل أب؛ إن كل ما تنفقونه على مشروع إعداد ابنائكم للمستقبل هو استثمار مخلوف بإذن الله، وسوف ترون أثره في قابل الأيام، لأن هذا مشروع يورَّث ويُتوارث ولا تفنى قطافه بإذن الله.

وإلى المعلمين؛ أحسنوا استقبال أبنائنا بالحب والتأليف والترغيب، فأنتم نيابة عنا في مدارسكم، فكونوا رفقاء رحماء، مرغبين لا مرهبين، فإن أخطأوا فأصلحوا أخطاءهم، وإن إعوجُّوا فأعينونا أن نقومهم، واحرصوا على طيب العبارة، وسماحة النفس، وبشاشة الروح، ولسوف ترون أثر ذلك وبركته في رواتبكم وحياتكم ومعيشة أسركم بإذن الله تعالى، فإن المعلم حين يستقبل الطالب ويتعهده بالرعاية والمتابعة، لا يدري إلى أي مكانة عظيمة سوف يصل ذلك الصغير ذات يوم.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت